وقد أخبرنا جدِّي وغيرُه، أنا الصلاحُ بنُ أبي عمرَ، أنا الفخرُ بنُ البخاريِّ، أنا أبو عبدِ الله بنُ راجحٍ، أنا السلفيُّ، أنا أبو الحسنِ العلاّفُ، ثنا أبو الحسنِ الحماميُّ، ثنا أبو بكرٍ الموصِليُّ، ثنا محمّدُ بنُ معدانَ، ثنا أبو عمرٍو النحويُّ، عن الفضل بنِ الربيعِ، قال: بينا أنا ذاتَ ليلة في منزلي بمكة، إذ أتاني رجلٌ، فدقّ بابي، فخرجت، فإذا أنا بهارون، فقلت: يا أمير المؤمنين! لو أرسلتَ إليّ حتى آتِيَك، قال: ويحك يا عباسي! إنه حاك في صدري شيء، فهل تعرف لي أحدًا من العلماء؟ فقلت: نعم، سُفيان بنُ عُيينة، قال: وهو شاهد؟ قلت: نعم، فانطلقنا إليه، فدققتُ عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: أجبْ أميرَ المؤمنين، فخرج مسرِعًا، فقال: يا أمير المؤمنين! لو أرسلتَ إليّ حتى آتيَكَ، قال: خذ لما جئناكَ له، فحدَّثه ساعة، ثم قال له: يا ابنَ عُيينة! أعليك دَيْن؟ قال: نعم يا أميرَ المؤمنين، قال: يا عباسي! اقضِ دينه. فخرجنا من عنده، فقال لي: يا عباسي! ما أغنى عني صاحبُك شيئًا، فهل تعرف لي غيرَه؟ قلت: نعم، عبدُ الرزاق الصنعانيُّ، فدققتُ الباب، فقال لي: من هذا؟ فقلت: أجبْ أميرَ المؤمنين، فخرج مسرعًا، فقال مثلَ ما قال سفيانُ، فقال: خذ لما جئناك له، فحدَّثه ساعة، فقال: يا عبد الرزاق! أعليك دَيْن؟ قال: نعم، قال: يا عباسي! اقض دينه. قال: فخرجنا، فقال: يا عباسي! ما أغنى صاحباك شيئًا، فهل تعرف غيرَهما؟ قلت: نعم،
= هارون الرشيد عندما كان يطوف بالبيت، وكذا ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" (١٠/ ٢١٧).