لا تظلموا الناس عبادَ الله، واتقوا دعوةَ المظلوم، قال: فقيل له: ما قصتك؟ قال: كنتُ رجلًا شرطيًا، فمررت بصياد يصيد، وقد صاد سمكة، فساومته بها، فأبى أن يبيعها مني، فضربتُه، وأخذتُ منه السمكةَ، فبينما هي معلقةٌ، إذ وثبتْ فعضَّتْ على إصبعي، فلما بلغتُ المنزلَ، إذا فيها قُرْحَةٌ منكر، وكان لنا جارٌ ينظر في القروح، فأريتُها إياه، فقال: اقطعها من المفصل، وإلّا دبَّت في يدك، فإنها أكلةٌ، قال: فقطعتُها، فدبّت في ظهر الكفِّ، فقال: اقطعه، فقطعته، فدبّت في ساعدي، قال: اقطعها، فقطعتُها من المرفَقِ، فدبّت في العَضُد، فأتاني آتٍ في منامي، فقال لي: دواؤك عند من ظلمتَهُ، فأتيت الصيادَ، فجلستُ بين يديه وأنا أبكي، فقلت له: حَلِّلْني؛ فقد أصابني من أجلِك هذا، قال: فأخذ الرجلُ يبكي، وقال: اللهمَّ إني جعلتُه في حِلّ، قال: فرأيتُ الدودَ يتناثر من يدي، ثم قال لابنٍ له: احفرْ زاوية البيت، قال: فحفرَ، فأخرج منها جرّةً فيها عشرةُ آلاف درهم، فقال: خذها أنفقْها على نفسك وعيالك، قال: فأخذتُها، وعوفيتُ، فقلت له: هل دعوتَ عليَّ حينَ أوجعتُك وأخذتُ السمكةَ منك؟ قال: نعم، قلت: يا ربّ! خلقتَ هذا قويًا، وخلقتني ضعيفًا، فأَحِلَّ به عقوبةً في الدنيا تكون نكالًا، فهو ما رأيتَ (١).
أخبرنا جماعةٌ من شيوخِنا، أنا ابنُ المحبِّ، أنا القاضي سليمانُ، أنا الحافظُ ضياءُ الدينِ، أنا أبو القاسم زنكي، أنا أبو على العلويُّ، حدَّثه: أن أبا محمّدٍ وزيرَ أبي الحسنِ بنِ بُوَيْه - وكان من أفاضل الوزراءِ
(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٦٣ - ٦٤) نحوه.