للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلبةَ العلم من العلم، بأخذِ أوقافِهم، والبرطيلِ بها، فصدّوا عن العلم، وعن الخير.

وقد ورد في أخبار محمد بن جرير الطبريِّ: أن يهودياً صرف عليه وعلى جماعته المالَ الجزيلَ أربعين مرةً، كلَّما فَنِيَ شيء وأرادوا الذهابَ اعترضهم وأعطاهم، وقال: أقيموا على ما أنتم عليه من الخير، وأنّه سُئل عن ذلك، فقال: إني رأيتُ فيما أنزل الله: أنّه ليس ثَمّ نفقةٌ أعظم أجراً من درهم صُرف على رجلٍ في طلب العلم.

فمثل يهوديٍّ يرغب في ذلك؟

هؤلاء الجهلةُ الفسقةُ أخذوا أموالَ طلبة العلم، فهؤلاء وأمثالُهم داخلٌ في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: ١١٤].

حتى إن بعضهم يأخذ بجهله أموال الفقراء والمساكين وطلبة العلم، ويُبرطل الظلمَةَ بها، ويزيِّن له الشيطان أن يبرطل بها، ولا يطعمهم في الأخذ منه، حتى إن منهم من إذا رأى مَنْ هو قوي عليه، برطلَ بها على قتله، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من الجهل والتعاسة.

وقد وقع بيني وبين بعض الجهلة كلام في شيء من ذلك، وأنّه يزرع الوقف، ويقول: أنا زرعته، فقلت له: من قال من المسلمين أو اليهود أو النصارى: إنّك إذا زرعتَ أرضَ الوقف تختصُّ به؟ فقال: أنتم تحسدوني على ذلك، فقلت: كيف نحسدك؟ من يقول بحِلِّ هذا؟ فقال: إذاً ترافعوني، فقلت: أنتَ إذا أخذت شيئاً ما، تريد أن تأخذه

<<  <   >  >>