للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الترمذي والنسائي في قصة إشراف عثمان على الناس يوم الدار، عن ثمامة بن حزن القشيري أن عثمان - رضي الله عنه - قال: «أنشدكم بالله وبالإسلام، هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يشتري بقعة آل فلان، فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟» فاشتريتها من صلب مالي ... الحديث» (١).

وقد تمَّت توسعة المسجد من ثلاث جهات، فزيد في المسجد من جهة الشرق عشرة أذرع، أو أسطوانة، ومن جهة الغرب عشرين ذراعًا، أو أسطوانتين، ومن جهة الشمال أربعين ذراعًا، أو أربع أسطوانات، فأصبح المسجد بعد توسعته مائة ذراع في مائة ذراع (٢).

وقد ظهرت عدة أقوال في مكان الصُّفَّة في البناء الأول للمسجد النبوي (بعد التوسعة)، فقيل بأنها تقع في الركن الشمالي الغربي، والقول الثاني: تقع الصُّفَّة في الركن الشمالي الشرقي، وهي ظلة صغيرة، والقول الثالث: تقع الصُّفَّة في الجهة الشمالية، وتمتد ظلتها من الشرق إلى الغرب، والقول الرابع: أن «دكة الأغوات» هي مكان الصُّفَّة، وتقع الدكة شمال مقصورة الحجرة الشريفة، وعلى يمين الداخل من باب جبريل، وعلى يسار الداخل من باب النساء، ولا يخفى بُعد هذا القول؛ لأن هذا الموضع كان خارج المسجد من جهته الشرقية في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو موازٍ لحجراته - صلى الله عليه وسلم -، وأول توسعة أدخلت الحجرات ومكان الدكة في المسجد كانت في عهد عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - سنة ٩١ هـ (٣).

ورجَّح الباحث محمود محمد حمو أن الصُّفَّة كانت تمتد على طول الحائط الشمالي من شرقي المسجد إلى غربيه، بصف واحد من الأساطين، وذلك للأسباب التالية:

١ - أن كل من تكلم عن موقع الصُّفَّة حددها بالحائط الشمالي، أو مؤخرة المسجد، وحصْرها في أحد ركنيه الشرقي أو الغربي لا مسوغ له، خاصة أن عدد أهل الصُّفَّة في ازدياد.


(١) سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب في مناقب عثمان، (٥/ ٦٢٧)، حديث (٣٧٠٣).
(٢) الطبقات الكبرى، ابن سعد، مرجع سابق (١/ ٢٣٩).
(٣) الصُّفة تاريخها- أصحابها، دراسة تاريخية توثيقية، محمود محمد حمو، مرجع سابق، (ص: ٢٥).