نقل البيهقي عن أأبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا علي بن محمد بن سختويه، قال: أخبرنا محمد بن علي بن بطة، قال: حدَّثنا عفَّان بن مسلم، قال: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس: «أن ناسًا جاءوا إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث معنا رجالًا يُعلموننا القرآن والسُّنَّة، فبعث إليهم سبعين رجلًا من الأنصار يقال لهم القرَّاء، وفيهم خالي حرام، يقرأون القرآن ويتدارسون باللَّيل، ويتعلَّمون، وكانوا بالنَّهار يجيئون بالماء فيضعونه بالمسجد، ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطَّعام لأهل الصُّفَّة. (١)
وكذا الحديث الَّذي رواه عبد الرَّحمن بن أبي بكر قال: أصحاب الصُّفَّة كانوا أناسًا فقراء، وإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، أو كما قال: وإن أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشرة، وإنَّ أبا بكر تعشَّى عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ لبث حتَّى صلَّيت العشاء ثمَّ رجع فجاء بعدما مضى من اللَّيل ما شاء الله، فقالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أوعشيتيهم؟ قالت: أبوَا حتَّى تجيء وقد عرضوا عليهم فغلبوهم قال: فذهبت أنا فاختبأت فقال: كُلوا هنيئًا، وقال: والله لا أطعمه أبدًا، قال: فأيم الله، ما كنا نأخذ لقمة إلَّا رَبَا من أسفلها أكثر منها؟ قال: فشبعوا وصارت أكثرَ ممَّا كان قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي، فقال لامرأته: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ قالت: لا وقرَّة عيني، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات، فأكل منها أبو بكر، وقال: إنَّما كان ذلك من الشَّيطان، يعني يمينه، ثمَّ أكل منها (لقمة) ثمَّ حملها إلى
(١) دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: ٤٥٨ هـ)، دار الكتب العلمية- بيروت، الطبعة: الأولى- ١٤٠٥ هـ، (٣/ ٣٤٣).