للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (١).

وقد روى ابن ماجه في سننه عن أبي هُرَيْرَة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما يلحق المؤمن مِن عمله وحسناته بعد موته علمًا علَّمه ونشَره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته» (٢).

جاء في المغنى بشأن الوقف ما يأتي:

(الأصل فيه ما روى عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: «أصاب عمر أرضًا بخيبر فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصبْ قط مالًا أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والقُربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقًا غير متمول فيه» (٣).

وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف؛ قال جابر - رضي الله عنه -: لم يكن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذا مقدرة إلا وقف، وانتشر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجماعًا) (٤)، ومعلوم أن مصارف الوقف عادة ينال منها النصيب الأكبر الفقراء، فكانتْ من عوامل القضاء على الفقر في العَهْد النبَوي.

المَطْلَب السادس: نموذج أهل الصُّفَّة

وهو محلُّ دراستنا هذه، فلما زاد عدد المهاجرين وأصبحت المدينة موطنًا لكل من يريد


(١) رواه مسلم في الوصية (٥/ ٧٣) رقم الحديث: (٣٠٨٤).
(٢) مسند أحمد، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (١٤/ ٤٣٩) رقم الحديث: ٨٨٤٥، وسنن ابن ماجه باب ثواب معلم الناس الخير، (١/ ٨٨) رقم الحديث: ٢٤٢، وحسنه الألباني.
(٣) رواه البخاري في الوصايا (٢/ ١٨٤) برقم (٢٧٧٢)، ومسلم في الوصية (٥/ ٧٤) برقم (٣٠٨٥).
(٤) المغني، لابن قدامة المقدسي (٦/ ٣).