للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الخبز واللَّحم لأطعمتكموه، سيأتي عليكم زمان- أو من أدركه منكم يلبسون مثل أستار الكعبة ويُغدى ويراح عليكم بالجفان، قالوا: يا رسولَ الله، أنحن يومئذٍ خير أو اليوم؟ قال: بل أنتم اليوم خير، أنتم اليوم إخوان، وأنتم يومئذٍ يضرب بعضُكم رقابَ بعض». (١)

والشَّاهد من قوله: (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرافق بين الرجلَين ويقسم بينهما مُدًّا من تمر) ويستنتج منه كفاءة وعدالة توزيع الموارد.

كما ورد أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجري لكل رجلين منهم مُدًّا من تمر في كلِّ يوم (٢) ويستنتج منه كفاءةُ وعدالة توزيع الموارد.

تفاوت الحال الاقتصاديَّة لأهل الصُّفَّة بين السَّعة والضَّيق:

قال ابن الجوزي في «تلبيس إبليس»: «هؤلاء القوم إنَّما قعدوا في المسجد ضرورة، وإنَّما أكلوا من الصَّدقة ضرورة، فلمَّا فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا». (٣)

وقال البراء - رضي الله عنه -: كنا أصحاب نخل، فكان الرَّجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلَّته، فيأتي الرَّجل بالقنو فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصُّفَّة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاء فضربه بعصاه فسقط منه البسر والتَّمر، فيأكل (٤) وهنا يدلُّ على أنَّهم غير معدمين وإلا لما انتظروا تعليق التَّمر ليأكلوا منه، حيث قال: (إذا جاء أحدهم)، ولم يرِد أنَّهم كانوا يتسابقون ويتهافتون عليه.

وروى عبادة بن الصامت، قال: علَّمت ناسًا من أهل الصُّفَّة القرآنَ والكتابة، فأهدى إليَّ رجل منهم قوسًا (٥)، يستنتج منه أن من كان يهدي فهو غير معدم، وإلَّا لقام ببيع القوس بدلًا من إهدائه.


(١) دلائل النبوة للبيهقي، مرجع سابق، (٦/ ٥٢٤).
(٢) السيرة النبوية الصحيحة د. أكرم ضياء العمري، مرجع سابق (١/ ٢٦٥).
(٣) تلبيس إبليس، مرجع سابق، (ص: ٢٠١).
(٤) تفسير ابن كثير (١/ ٥٣٦).
(٥) تفسير القرطبي (١/ ٣٣٥)، وانظر تفسير ابن كثير (١/ ١٥٠).