للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٦ - وأنشد (١):

جاء الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر

هو لجرير يمدح عمر بن عبد العزيز. أخرج المعافى بن زكرياء وابن عساكر في تاريخه، بسند متصل عن عوانة بن الحكم قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه وأقاموا ببابه أياما لا يؤذن لهم، فبينما هم كذلك، وقد أزمعوا على الرحيل، إذ مرّ بهم عديّ بن ارطاة، فقال له جرير:

يا أيّها الرّجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إنّي قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أنّي لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة ... قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني

فدخل عديّ على عمر فقال: يا أمير المؤمنين، الشعراء ببابك، وسهامهم مسمومة، وأقوالهم نافذة. قال: ويحك يا عديّ، مالي وللشعراء! قال: أعز الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد امتدح وأعطى، ولك في رسول الله صلّى الله عليه وسلم إسوة. قال: كيف؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس فأعطاه حلة قطع بها لسانه. قال: من بالباب منهم؟ قال: عمر بن أبي ربيعة، والفرزدق، والأخطل، والأحوص، وجميل. قال: أليس هذا القائل كذا، وهذا القائل كذا، ذكر لكل واحد منهم أبياتا تشعر برقة الدين، والله لا يدخل عليّ أحد منهم، فهل سوى من ذكرت؟ قال: نعم، جرير. قال أما أنه الذي يقول (٢):

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين الزّيارة فارجعي بسلام

فإن كان لا بد، فهو. فأذن لجرير فدخل وهو يقول:


(١) ديوانه ٢٧٥، وابن عقيل ٢/ ٧٠.
(٢) ديوانه ٥٥١، والشعراء ١٤٩، والوساطة ٢٠٤، والعمدة ٢/ ١٢٠ (وقت الزيارة) والعقد الفريد ٥/ ٣٤٦ والاغاني ٨/ ٣٧ (الثقافة).

<<  <  ج: ص:  >  >>