للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق.

وأخرج ابن عساكر عن عديّ بن حاتم قال: كان أبي يقول لنا في الجاهلية:

إذا كان الشيء يكفيكه تركه فاتركه.

وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر عن ابن الأعرابي قال: كان حاتم الطائي أسيرا في عنزة، فقالت له امرأة يوما: قم، فافصد لنا هذه الناقة! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقا من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها، فلطمته المرأة. فقال حاتم: (لو غيرت ذات سوار لطمتني). فذهب قوله مثلا. وقال له النسوة: إنما قلنا لك فصدها! فقال: هكذا فزدي. ان قوله (فزدي) فصدي، اشم الصاد زايا، وأدخل هاء السكت على أنا.

وأخرج ابن عساكر عن أبي عبيدة قال: لما بلغ حاتم طيّ قول المتلمس (١):

قليل المال يصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد

وحفظ المال خير من فناء ... وعسف في البلاد بغير زاد

فقال: قطع الله لسانه، حمل الناس على البخل، فهلا قال:

فلا الجود يفني المال قبل ذهابه ... ولا البخل في مال الشّحيح يزيد

فلا تلتمس مالا بعيش مقتّر ... لكلّ غد رزق يعود جديد

وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر من طريق ملحان بن عركي بن عديّ بن حاتم


(١) في الشعراء ١٣٦ برواية:
وأعلم علم حقّ غير ظن ... وتقوى الله من خير العتاد
لحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير على الفساد
وانظر الاغاني ٢١/ ١٣٦ و ١٣٧، وحماسة البحتري ٢١٦، وعيون الاخبار ٢/ ١٩٥. وسيأتي ص ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>