وهذا صاحب الملكين أضحى ... تخرّق في مصانعه المنون
فكان عليه للأيّام دين ... فقد قضيت عن المرء الدّيون
وخانته العصا من بعد ما قد ... أتى ميتا له حين فحين
على الكرسيّ معتمدا عليه ... يرفّ الخدّ منه والجبين
يسير بشرجع لا شيء فيه ... تحار الشّمس فيه والعيون
وتضحى الجنّ عاكفة عليه ... كما عكفت على الأسد العرين
وسخرت العيون له جميعا ... عليه الطّير عاكفة عرين
فلم أر مثله حيّا وميتا ... على الأيّام كان ولا يكون
فدان له الخلائق ثمّ هبّوا ... ودان فيما قد يدين
بنى صرحا له دون الثّريّا ... وأجري تحته الماء المعين
تراه متقنا لا عيب فيه ... يخال بصرحه الذّهن الذّهين
وقد ملك الملوك وكلّ شيء ... تدين له السّهولة والحزون
فأفنى ملكه مرّ اللّيالي ... وخون الدّهر فيما قد يخون
وكلّ أخي مكاثرة وعزّ ... إلى ريب الحوادث مستكين
كذاك الدّهر يفني كلّ حيّ ... ويعقب بعد قوّته اليقين
ثم قام ابن كثير بن عذرة بن سعد بن تميم فقال: أيها الناس هذا حنظلة بن نهد معدن الحكماء، وعز الضعفاء، ومعطي اليانع، ومطعم الجائع، فهل منكم له مانع؟