للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدرك الاسلام شيخا كبيرا ووفد على عمر. وقال أبو الفرج الأصفهاني (١): كان أحد الفصحاء، أدرك الجاهلية والاسلام، ومات في أيام عمر. ثم روى من طريق الأصمعي قال:

دخل أبو خراش الهذلي مكة في الجاهلية، وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الجاهلية، فقال: ما تجعل لي ان سبقتهما عدوا؟ قال: إن فعلت فهما لك، فسبقهما.

وقال ابن الكلبي والأصمعي وغيرهما: مر على أبى خراش، وكان قد أسلم فحسن اسلامه، نفر من اليمن حجاجا فنزلوا عليه فقال: ما أمسى عندي ماء؟ ولكن هذه برمة وشاة وقربة، فردوا الماء فانه غير بعيد، ثم اطبخوا الشاة، وذروا البرمة والقربة عند الماء حتى نأخذهما فامتنعوا، وقالوا: لا نبرح. فأخذ أبو خراش القربة وسعى نحو الماء تحت الليل فاستقى ثم أقبل، فنهشته حية، فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء، ولم يعلمهم ما أصابه. فباتوا يأكلون، فلما أصبحوا وجدوه في الموت، فأقاموا حتى دفنوه. فبلغ عمر خبره فقال: والله لولا أن يكون لأمرت أن لا يضاف يماني بعدها.

ثم كتب إلى عامله أن يأخذ النفر الذين نزلوا بأبي خراش فيغرمهم ديته.

وقال وكيع في الغرر: أنبأنا عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى قال: قلت لأبي مشكل:

إني أستحسن أبيات أبي خراش الهذلي:

دعوت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض

فآليت لا أنسى قتيلا رزئته ... بجانب قوسى ما مشيت على الأرض

بلى، إنّها تعفو الكلوم وإنّما ... توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي

قال أبو مكلم، أحمد بن هشام التميمي، هذه سرقها من القلب العنبري، وأنشدني:

للقلب بنتا لدى عنز تربضها ... من أن يكون فراقها جهرا

والقلب هذا من أصحاب النبيّ.


(١) ٢١/ ٤٧ - ٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>