ثلاثة أوجه. أحدها: أن يكون مأمورها مبتدأ وقاصر خبره، ثم تكون الجملة بأسرها معطوفة على الجملة الأولى، كقولك: ما زيد قائما ولا عمرو منطلق. الثاني:
ان تنصب قاصرا وتعطف على محل بآتيك، كأنه قال: فليس منهيها آتيا لك، ولا مأمورها قاصرا عنك. والعامل في الاسمين الأولين والمعطوف عليهما عامل واحد، وهو ليس، كقولك: ليس زيد قائما ولا عمرو منطلقا. الثالث: أن تجر قاصر او تعطفه على آتيك، ثم لا يخلو اما أن يكون مأمورها بمنزلة منهيها، محمولا على ليس، وهو من باب العطف على عاملين، لأنك أنبت الواو مناب ليس، والباء في بآتيك زائدة، واما أن تجعله من قولنا: ليس أمة الله بذاهبة ولا قائم أخوها، بعطف قائم على ذاهبة، وأخوها رفع بقائم، فيخبر عن أمة الله بذهابها وبقيام أخيها، فتكون قد عطفت خبرا على خبر، فكذلك قاصر معطوف على بآتيك، ومأمورها رفع بقاصر، وتكون قد أخبرت عن منهيها بقصور المأمور. وكان القياس على هذا مأموره. الا أن المنهى لما كان بعض الأمور أنث فعله كذهبت بعض أصحابه. ومعنى إضافة المأمور الذي يكون مع المنهى ويذكر معه ويقرن به، لأن الاضافة تكون بأدنى سبب. وفي هذا الوجه الثالث تعسف. وقاصر عنك: مقصر عن اتيانك، انتهى. ثم رأيت البيهقي قال في كتاب الأسماء والصفات مانصه: وأما قوله: في كف الرحمن، فمعناه عند أهل النظر، في ملكه وسلطانه. ومنه قول عمر بن الخطاب إن صح فيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أبو العباس محمد بن اسحق الضبعي، حدّثنا الحسين بن علي بن زياد، حدثنا إسمعيل بن أبي أوس، حدثني محمد بن عتبة الخراز عن حماد بن عمرو الاسدي، عن حماد بن ثلج، عن ابن مسعود قال: كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يخطب ويقول على المنبر:
خفّض عليك فإنّ الأمو ... ر بكفّ الإله مقاديرها
فليس بآتيك منهيّها ... ولا قاصر عنك مأمورها
أي في مالك الأله وقدرته، إنتهى.
٢٢٥ - وأنشد:
وما أصاحب من قوم فأذكرهم ... إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم