للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم لديك العهد الوثيق من ال ... أيّام أم أنت جاهل مغرور

من رأيت المنون خلّدن أم مّن ... ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسرى كسرى أنوشر ... وان أم أين قبله سابور

وبنو الأصفر الكرام ملوك الرّوم ... لم يبق منهم مذكور

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج ... لة تجبي إليه والخابور

شاده مرمرا وجلّله كل ... سا فللطّير في ذراه وكور

لم يهبه ريب المنون فباد ال ... ملك عنه فبابه مهجور

ثمّ أضحوا كأنّهم ورق ج ... فّ فألوت بد الصّبا والدّبور

أخرج ابن عساكر عن خالد بن صفوان (١): إنه وفد الى هشام بن عبد الملك وقد خرج متنزها بقرابته وحشمه وأهله وغاشيته وجلسائه، ونزل في أرض ضحضح، في عام قد كثر وسيمه، وأخرجت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوانها، وضرب له سرادق من حبرة ملونة، وفرشت له ألوان الفرش، وزينت بأحسن الزينة، فقال له خالد: يا أمير المؤمنين، إن ملكا من الملوك خرج في عام مثل عامنا هذا الى الخورنق والسدير، وكان قد أعطى بسطة في الملك، مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فانفذ النظر فقال لجلسائه: لمن هذا؟ قالوا: للملك. قال: فهل رأيتم أحدا أعطي مثل ما أعطيت؟ قال: وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة، ولم تخل الأرض من قائم لله بحجته في عباده، فقال: أيها الملك: إنك قد سألت عن أمر، أفتأذن لي بالجواب عنه؟

قال: نعم، قال: أرأيت ما أنت فيه؟ أشيء لم تزل فيه أم شيء صار اليك ميراثا وهو زائل عنك وصائر الى غيرك، كما صار إليك. قال: كذلك هو، قال: أراك انما عجبت بشيء يسير، لا تكون فيه الا قليلا، وتنتقل عنه طويلا فيكون غدا عليك حسابا. قال: ويحك، فأين المهرب وأين المطلب؟ وأخذته القشعريرة. قال: اما ان تستقيم في ملكك فتعمل فيه بطاعة الله تعالى على ما ساءك وسرّك، وإما ان تتخلع


(١) انظر الاغاني ٢/ ١١٤ - ١١٥ (الثقافة).

<<  <  ج: ص:  >  >>