فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، هدر دمه فقال: من لقي كعبا فليقتله. فكتب بذلك بجير، الى أخيه، قال: اعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله الا الله إلا قبل ذلك، فأسلم وقال قصيدته (بانت سعاد). ثم أقبل حتى أناخ بباب المسجد ودخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم متحلقون حوله، فيلتفت الى هؤلاء مرة فيحدثهم والى هؤلاء مرة فيحدثهم. قال كعب: فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت وقلت: الأمان يا رسول الله، قال: من أنت؟
قلت: أنا كعب. قال: الذي تقول: ثم التفت الى أبي بكر، فأنشده أبو بكر:
سقاك أبو بكر بكأس رويّة ... وأنهلك المأمون منها وعلّكا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مأمون والله، ثم أنشد القصيدة كلها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول
وساق الحاكم القصيدة بكمالها.
وأخرج الحاكم والبيهقي والزبير بن بكار في أخبار المدينة من طريق علي بن زيد ابن جدعان قال: أنشد كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد:
(بانت سعاد). وأخرجه في الأغاني بلفظ:(في المسجد الحرام) لا مسجد المدينة.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن موسى بن عقبة قال: لما بلغ الى قوله:
إنّ الرّسول لنور يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول
في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكّة، لمّا أسلموا: زولوا
أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الخلق ليسمعوا، وكان بجير كتب الى