للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (اذا المرء ... البيت)، يقول: إذا المرء لم يتدنس باكتساب اللؤم واعتياده فأي ملبس يلبسه بعد ذلك كان جميلا. واللؤم: اسم لخصال تجتمع، وهي: البخل، واختيار ما تنفيه المروءة، والصبر على الدنيئة، وأصله من الالتئام، وهو الاجتماع، وكذلك الكرم اسم لخصال تضاد خصال اللؤم (١). قوله:

وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها

أي يصبرها على مكارهها، وأصل الضيم العدول عن الحق، يقال: ضامه (ضيما، وهو مضيم) «٢»، إذا عدل به عن طريق النصفة (واهتضمه، ومنه قيل:

قصد في ضيم الجبل: أي في ناحية تعدل اليه، وكما استعمل الضيم من ضامه كذلك استعمل الهضم واحد أهضام الوادي من هضم) «٢» وليس المراد بقوله:

ضيمها ضيم الغير لها، لأن احتمال ضيم الغير ليس مما يتمدح به. وقوله: (تعيرنا أنّا) يقال عيّرته كذا، وهو المختار، وعيرته بكذا. وقوله: (إنّ الكرام قليل) يشتمل على معان كثيرة، وهي ولوع الدهر بهم، واعتيام الموت إياهم، واستقتالهم في الدفاع عن أحسابهم (وإهانتهم كرائم نفوسهم مخافة لزوم العار لهم، ومحافظتهم على عمارة ما ابتناه أسلافهم) (٢)، وكل ذلك يقلل العدد، وقليل وكثير يوصف بهما الواحد والجمع. وشباب: مصدر وصف به الجمع، وليس جمعا لشاب، لأن فاعلا لا يجمع على فعال. وتسامى: أصله تتسامى، من السموّ، وهو العلو. والكهل:

الذي قد وخطه الشيب، ومنه (اكتهل النبات) إذا شمله النّور. قوله:

(وما ضرّنا) يحتمل النفي والاستفهام، أي أيّ شيء ضرنا. والواو في (وجارنا) للحال، وكذا وجار الأكثرين. قال التبريزي (٣): وإنما صلح الجمع بين حالين لأنهما لذاتين مختلفتين، ولو كانا لذات واحدة لم يصلح. قوله: (لنا جبل) يريد به العز والسمو: أي من دخل في جوارنا امتنع على طلابه. ويحتله: ينزله، من احتلّ إذا نزل. ومنيع:

فعيل، بمعنى: مفعول، أي ممنوع. والطرف: النظر. والكليل:

فعيل، من الكلال، وهو الاعياء، أي أن الجبل شامخ لطوله يرجع طرف الناظر اليه


(١) و (إذا) تتضمن معنى الجزاء، والفاء مع ما بعدها جوابه. وانظر التبريزي ١/ ١٠٩.
(٢) مزيدة عن التبريزي.
(٣) ١/ ١١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>