للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يخبر به عن الجثة، واسناد جد إلى الجري مجاز. والأصل جد في الجري. والاقلاع عن الشيء: الكف عنه. والواو في وكلا واو الحال، والتثنية في أنفيهما واجبة، وان كان الأرجح جدعت آنافهما، مثل: (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) لأن كلا لا تضاف إلا لمفهم اثنين. ورابي: اسم فاعل من ربا يربو، وربو الأنف ارتفاعه عند التعب من جرى ونحوه. ويقال: ربا الفرس، إذا انتفخ من عدو أو فزع. وقد اجتمع في البيت مراعاة معنى كلا ولفظها حيث عاد في أقلعا بضمير التثنيه، وفي راب بالافراد، وفيه شاهد ثان حيث قال: (أنفيهما) ولم يقل: (آنافهما) كما هو الأفصح مثل: (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما).

٣٢٦ - وأنشد: قول الأسود بن يعفر:

إنّ المنيّة والحتوف كلاهما ... يوفي المنيّة يرقبان سوادي (١)

هذا من قصيدة للأسود بن يعفر، بفتح الياء، وقيل بضمها، ابن عبد القيس ابن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم النهشلي، شاعر متقدم فصيح من شعراء الجاهلية ذكره ابن عبد السلام في الطبقة الثانية (٢) وليس بمكثر، أوّلها (٣):

نام الخليّ وما أحسّ رقادي ... والهمّ محتضر لديّ وسادي

من غير ما سقم ولكن شفّني ... همّ أراه قد أصاب فؤادي


(١) المفضليات ص ٢١٦، واللآلي ١٧٤ و ٣٦٨، والاغاني ١١/ ١٢٩
(٢) كذا، وعده ابن سلام ص ١١٩ من الطبقة الخامسة.
(٣) قال ابن سلام ١٢٣: (وله واحدة طويلة رائعة لاحقة بأجود الشعر لو كان شفعها بمثلها قدمناه على مرتبته وهي: نام الخلي ...).
وهي معدودة من مختار أشعار العرب وحكمها، مفضلة مأثورة.
ولقد تقدم رجل من أهل البصرة من بني دارم ليشهد عند سوار بن عبد الله القاضي، فوجده يتمثل بأبيات منها، فسأله الفاضي:
أيروي هذا الشعر أو يعرف من يقوله؟ فأجاب: أن لا! فقال له:
رجل من قومك له هذه النباهة، وقد قال مثل هذه الحكمة لا ترويها ولا تعرفه!! ثم توقف في قبول شهادته حتى يسأل عنه. ولقد وعد الرشيد من ينشده إياها جائزة عشرة آلاف درهم ... وانظر الاغاني ١١/ ١٢٩ ومنتهى الطلب ١/ ٨١ - ٨٢، وشعراء الجاهلية ٤٨٠ - ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>