أخيه فانشده: لعمري ... القصيدة بتمامها. فقال عمر: لوددت أني أحسن الشعر فأرني أخي زيدا مثل ما رثيت به
أخاك، فقال متمم: لو أن أخي مات على ما مات عليه أخوك ما رثيته، فقال عمر: ما عزاني أحد عن أخي مثل ما عزاني به متمم (١). وقال الدينوري في المجالسة: أخبرنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبي عن هشام عن محمد عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب يقول: ماهبت الصبا إلا بكيت على أخي زيد، وكان إذا لقى متمم بن نويرة استنشده قصيدته في أخيه: وكنا كندماني جذيمة ... البيتين.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن القاسم بن معين قال: قال عمر بن الخطاب: رحم الله زيدا، يعني أخاه، هاجر قبلي، واستشهد قبلي، ماهبت الرياح من تلقاء اليمامة الا أتتني برياه، وما ذكرت قول متمم بن نويرة إلا ذكرته وهاج بي شجنا: وكنا كندماني جذيمة ... البيتين.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد: أن عمر قال لمتمم بن نويرة: لو كنت شاعرا أثنيت على أخي كما أثنيت على أخيك، فقال: لو كان مهلك أخي كمهلك أخيك لتعزيت عنه، فقال عمر: ما رأيت تعزية أحسن من هذه.
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا وكيع بن الجراح، ومحمد بن عبد الله الأسدي عن عبد الله بن لاحق المكي عن أبي مليكة قال: مات عبد الله بن أبي بكر بالحبشة فدفن بمكة، فقدمت عائشة من المدينة فأتت قبره فوقفت عليه فتمثلت بهذين البيتين: وكنا كندماني جزيمة ... الى آخرهما. وأخرج ابن سعد في طبقاته عن ابن أبي عون وعبد العزيز بن يعقوب الماجشون قالا: قال عمر بن الخطاب لمتمم بن نويرة: ما أشد ما لقيت على أخيك من الحزن؟ قال: كانت عيني هذه قد ذهبت.
وأشار إليها، فبكيت بالصحيحة، وأكثرت البكاء حتى أسعدتها العين الذاهبة وجرت بالدمع. فقال عمر: ان هذا الحزن شديد ما يحزن هكذا أحد على هالكه، ثم قال عمر: يرحم الله زيد بن الخطاب، إني لأحسب أني لو كنت أقدر على أن أقول الشعر لبكيته كما بكيت أخاك، فقال متمم: يا أمير المؤمنين، لو قتل يوم اليمامة كما قتل أخوك ما بكيته أبدا. فأبصر عمر وتعزى عن أخيه، وكان قد حزن عليه حزنا شديدا.