للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٥٣ - وأنشد قول ليلى:

أحجّاج لا تعطي العصاة مناهم ... ولا الله يعطي للعصاة مناها (١)

هو من أبيات لليلى الاخيلية تمدح بها الحجاج. قال القالي في أماليه: والمعافى ابن زكريا معا، حدثنا أبو بكر بن الانباري قال: حدثني أبي، أخبرنا أحمد بن عبيد عن أبي الحسن المدائني عمن حدثه عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاص قال: كنت أدخل مع عنبسة بن سعيد بن العاص إذا دخل على الحجاج، فدخل يوما فدخلت إليهما وليس عند الحجاج أحد غير عنبسة، فأقعدني فجيء الحجاج بطبق فيه رطب، فأخذ الخادم منه شيأ وجاءني به، ثم جاء الحاجب فقال: امرأة بالباب! فقال له الحجّاج: ادخلها، فدخلت، فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرض، فجاءت حتّى قعدت بين يديه، فنظرت فإذا امرأة قد أسنّت حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، وإذا هي ليلى الأخيلية، فسألها الحجّاج عن نفسها فانتسبت له، فقال لها: يا ليلى، ما أتانا بك؟ فقالت: إخلاف النجوم، وقلة الغيوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لها بعد الله الرّفد. فقال: صفي لنا الفجاج، فقالت: الفجاج مغبرّة، والأرض مقشعرّة، والمبرك معتلّ، وذو العيال مختل، والهالك للقل، والناس مسننّون رحمة الله يرجون، وأصابتنا سنون مجحفة مبلطة، لم تدع لنا هبعا، ولا ربعا، ولا عافطة (ولا نافطة) (٢) أذهبت الأموال، ومزّقت الرجال، وأهلكت العيال، ثم قالت: إني قلت في الأمير قولا فأنشأت تقول:

أحجّاج إنّ الله أعطاك غاية ... يقصّر عنها من أراد مداها

أحجّاج لا يفلل سلاحك إنّما ال ... منايا بكفّ الله حيث تراها

أحجّاج لا تعطي العصاة مناهم ... ولا الله يعطي للعصاة مناها


(١) الاغاني ١١/ ٢٤٨ (الدار)، والامالي ١/ ٨٦، وانظر السمط ٢٧٩ - ٢٨٠، ومصارع العشاق ١٨٥/ ١٨٨
(٢) مزيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>