للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجسر بهذه الأبيات وطاهر منحدر في حراقة له بدجلة (١):

عجبت لحرّاقة ابن الحسي ... ن كيف تعوم ولا تغرق

وبحران: من تختها واحد ... وآخر من فوقها مطبق

وأعجب من ذاك عيدانها ... وقد مسّها كيف لا تورق

وأصله من حران، وبقي مع طاهر ثلاثين سنة لا يفارقه، كلما استأذنه في الإنصراف إلى أهله ووطنه لا يؤذن له. فلما مات ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق بأهله، فقرّبه عبد الله بن طاهر وأفضل عليه وتلطف بجهده أن يأذن في العود فاتفق أن خرج عبد الله من بغداد إلى خراسان فجعل عوفا عديله، فلما شارف الري سمع صوت عندليب يغرّد باحسن تغريد، فأعجب ذلك عبد الله والتفت الى عوف وقال: يا ابن محلم، هل سمعت أشجى من هذا؟ فقال: لا

والله، فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير حيث يقول (٢):

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح

أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح

ولوعا فشطّت غربة دار زينب ... فها أنا أبكي والفؤاد قريح

فقال عوف: أحسن والله أبو كبير وأجاد، أنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعرا ما فيهم إلا مفلق، وما كان فيهم مثل أبي كبير، وأخذ يصفه. فقال له عبد الله: أقسمت عليك الا أجزت قوله؟ فقال: قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كلما


(١) تنوزع في نسبة هذه الابيات بين عوف ومقدس بن صيفي الخلوقي ودعبل وأبي الشمعمق، وعلي بن جبلة، وانظر بالاضافة الى المراجع السابقة اللآلي ١٩٨
(٢) نسب البكري هذا الشعر في اللآلي ٣٧٢ الى عوف ولم يذكر في ديوان الهذليين بشعر أبي كبير، وانظر الكامل ٨٤٨ بالاضافة الى المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>