للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو لأبي الأسود الدؤلي. أخرج أبو الفرج في الاغاني عن عوانة قال: كان أبو الأسود يجلس الى فناء امرأة بالبصرة فيتحدث إليها، وكانت برزة جميلة، فقالت له: يا أبا الأسود، هل لك أن أتزوّجك. فاني صناع الكف، حسنة التدبير، قانعة بالميسور، قال: نعم، فجمعت أهلها وتزوّجته، فوجدها على خلاف ما قالت، وأسرعت في ماله، ومدّت يدها الى خيانته، وأفشت سرّه، فغدا على من كان حضر تزويجه اياها فسألهم أن يجتمعوا عنده ففعلوا، فقال لهم:

أريت أمرا كنت لم أبله ... أتاني فقال اتّخذني خليلا (١)

فخاللته ثمّ أكرمته ... فلم أستفد من لديه فتيلا (٢)

وألفيته حين جرّبته ... كذوب الحديث سروقا بخيلا

فذكّرته ثمّ عاتبته ... عتابا رقيقا وقولا جميلا

وألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلّا قليلا

ألست حقيقا بتوديعه ... وإتباع ذلك صرما طويلا؟

فقالوا: بلى والله يا أبا الأسود. قال: تلك صاحبتكم، وقد طلقتها، فانصرفت معهم.

استشهد سيبويه بالبيت على حذف التنوين من ذاكر لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده.

قال الاعلم: وفيه وجهان: إما التشبيه بحذف النون الخفيفة لملاقاة ساكن نحو اضرب الرجل. وإما التشبيه بما حذف تنوينه من الأعلام الموصوفة بابن مضاف إلى علم. قال: والأحسن أن يكون حذف التنوين للضرورة.


(١) أريت: أصله أرأيت، يقولون: أرأيتك - بفتح التاء - بمعنى أخبرني.
وبلاه يبلوه: اختبره وامتحنه.
(٢) في الاغاني (من لدنه).

<<  <  ج: ص:  >  >>