المفتاح الأساسي لفهم القرآن في نظره هو في الآية السابعة من سورة آل عمران {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران: ٧]؛ يقول:"فهذه الآية هي التي تجعل رسالة القرآن سهلة التناول {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[يونس: ٢٤]. وهو يعرف المتشابه بأنه تلك الآيات التي جاء التعبير فيها بطريقة مجازية، والتي تتضمن معنى رمزيًا لا يمكن الإفصاح عنه مباشرة ولو في كلمات كثيرة. أما لماذا يحتوي القرآن على المتشابه فيقول: لأنه يتحدث عن عالم (الغيب) ذلك العالم الذي هو وراء إدراك البشر الحسي، ولما كان العقل البشري لا يدرك الأشياء ولا تكون عنده معرفة إلا من خلال تجاربه الماضية (هكذا يقول)، فلا يمكن نقل معاني (الغيب) له إلا باستعارة أمثلة وتشبيهات تؤخذ من نفس هذه التجارب، أو كما يقول الزمخشري (تمثيلًا لما غاب عنا بما نشاهد)، ثم يقفز من ذلك إلى النتيجة التالية (وهكذا يبين لنا القرآن بوضوح أن كثيرًا من تعبيراته وآياته يجب أن تفهم باعتبار أنها متشابهة، لسبب بسيط وهو أنها لتخاطب العقل البشري فلا يمكن أن تخاطبه بغير هذه الطريقة، فإذا أخذنا كل تعبير في القرآن وكل كلمة وكل آية بمعناها الظاهري الحرفي، وغضضنا الطرف عن احتمال أن تكون متشابهة، أو رمزًا أو مثالًا، فإننا نسيء إلى روح النص القرآني ذاته"(١).
ومن خلال اعتبار كثير من نصوص القرآن رموزًا وأمثلة، يمكن لأي امرئ أن يفسر ما شاء كيف شاء، ولم لا؟ فهل يمكن الادعاء إن للرمز معنى واحدًا بعينه هو المعنى المقصود دون غيره؟ وهذا ما فعله محمد أسد، فقد أوّل ما شاء كيف شاء ضاربًا بقواعد اللغة وبكثير من تفسيرات السلف عرض الحائط، ولم يتقيد بها -كما يقول- أليس من:"مزايا القرآن الفذة أنه كلما ازدادت معرفتنا بهذا العالم، وازدادت تجاربنا كلما تكشفت لنا آياته عن معانٍ ثرة جديدة لم تخطر من قبل" وهذا في ظاهره صحيح إذا أريد به أن معاني القرآن الأولية، يمكن أن تتسع للفهم بازدياد معرفة البشر، ولكن اتساع الفهم لا يناقض المعنى الأولي الأساسي، فهل هذا الذي يقصده محمد أسد؟ من عبارته التالية يبدو أن الذي يقصد إليه أن النص الواحد يمكن أن تكون له معانٍ متعددة، بل ومتناقضة حسب ثقافة المفسر المتاحة له في عصره، فهو يستمر ليقول: