للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناقشات دامت ثلاث سنوات بين عامي (١٩٦٢ - ١٩٦٥ م)، بوجود نقص وعجز في بعض نصوص العهد القديم. فقد جاء في الوثيقة التي أصدرها المجمع:

"إن كتب العهد القديم تسمح للكل بأن يعرف من هو الله ومن هو الإنسان، فضلًا عن الطريقة التي يتصرف بها الله مع الناس بعدالته ورحمته. . . هذه الكتب رغم كونها تحوي النقص والعجز هي أيضًا الشواهد على تربية إلهية حقيقية" (١).

وقد سبقت الدراسات الإسلامية في هذا المجال سبقًا بعيدًا، واتبعت في ذلك منهجًا علميًا دقيقًا، فابن حزم مثلًا عقد فصولًا طويلة في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" لمناقشة التحريف والتغير الذي حدث في التوراة والإنجيل. وكذلك قدم ابن تيمية دراسة نقدية لهذه الكتب في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح". ويستند هذان العالمان الجليلان على أدلة علمية، منها وجود اختلاف وتباين عظيم في النسخ الموجودة لهذه الكتب، يقول ابن تيمية عن ذلك: "ومما يدل على ذلك أنك في هذا الزمان، إذا أخذت نسخ التوراة الموجودة عند اليهود والنصارى والسامرة، وجدت بينها اختلافًا في مواضع متعددة، وكذلك نسخ الإنجيل، وكذلك نسخ الزبور، مختلفة اختلافًا متباينًا، بحيث لا يعلم العاقل أن جميع نسخ التوراة الموجودة متفقة على لفظ واحد، ولا يعلم أن جميع نسخ الإنجيل متفقة على لفظ واحد، ولا يعلم أن جميع نسخ الزبور متفقة على "لفظ واحد" (٢).

ومن أدلة التحريف وجود تناقض في النصوص حول الأمر الواحد، واختلاف في ذكر التواريخ والأسماء عن الواقعة الواحدة (٣)، ومنها أن نقل هذه الكتب لم يكن نقلًا متواترًا ويقول ابن تيمية عن ذلك: "وأما الإنجيل الذي بأيديهم فإنهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح -عليه السلام-، ولا أملاه على من كتبه، وإنما أملاه بعد رفع المسيح متى ويوحنا، وكانا قد صحبا المسيح، ولم يحفظه خلق كثير يبلغون عدد التواتر -ومرقس ولوقا وهما لم يريا المسيح -عليه السلام-. وقد ذكر


(١) "التوراة والإنجيل والقرآن والعلم" موريس بوكاي، ترجمة جماعة - ص ٥٠، والكتاب نفسه شاهد على نوع الدراسات النقدية للتوراة والإنجيل.
(٢) "الجواب الصحيح" ابن تيمية ٢/ ٢٠.
(٣) راجع الفصل في: "الملل والأهواء والنحل" ابن حزم ١/ ١١٦ وما بعدها ٢/ ١ وما بعدها.