للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء أنهم ذكروا بعض ما قاله المسيح وبعض أخباره، وأنهم لم يستوعبوا ذكر أقواله وأفعاله. . . ونقل اثنين وثلاثة وأربعة يجوز عليهم الغلط" (١). هذا بجانب ركاكة الألفاظ والتعابير، وبخاصة أن هذه الكتب ترجمت من لغتها الأصلية إلى لغات أخرى والترجمة يقع فيها الغلط كثيرًا (٢).

الموضع الثاني:

الذي أصابت فيه العصرانية هدمها لبعض العقائد الباطلة، ومن ذلك مثلًا هدم عقيدة ألوهية المسيح وإيمانها بأنه بشر كسائر البشر.

وقد تتابعت الدراسات اللاهوتية في الغرب لتأكيد بشرية المسيح، ومن ذلك الكتاب الذي صدر في عام (١٩٧٧ م) في لندن بعنوان: "أسطورة تجسد الإله في المسيح" تحرير البروفسير (جون هك) أستاذ اللاهوت بجامعة برمنجهام في بريطانيا، واشترك في تأليفه سبعة أساتذة لاهوت بريطانيون، وقد أثار الكتاب ضجة كبيرة في بريطانيا، وبيعت نسخ الطبعة الأولى كلها يوم إصدارها، وأعيد الطبع مرات بعد ذلك (٣).

وتقول مقدمة الكتاب:

"في القرن التاسع عشر قامت المسيحية في الغرب بتعديلين رئيسين جديدين في مواجهة التوسعات الهامة للمعرفة الإنسانية، فلقد قبلت أن الإنسان هو جزء من الطبيعة وأنه برز ضمن تطور أشكال الحياة على هذه الأرض، وقبلت أن الأناجيل كتبت بأقلام عدة أشخاص في حالات متنوعة، ولا يمكن أن تضفي على كلماتها عصمة (الأمر الإلهي). ولم يأت هذان التعديلان دون صدام مع (أشواك) الحقائق التي سببت جروحًا لم تندمل حتى الآن. ومع ذلك تستمر المعرفة الإنسانية في نموها بتسارع متزايد، والضغط على المسيحية هو الآن أقوى من أيّ وقت مضى لتعدل نفسها لوضع يمكن معه الاعتقاد بها والاقتناع بها، من المفكرين الأمناء الذين تجذبهم بشدة صورة المسيح، والضوء الذي تلقيه تعاليمه على معنى الحياة الإنسانية.


(١) "الملل والأهواء والنحل" ابن حزم ١/ ٣٦٧.
(٢) المصدر نفسه ٢/ ١٦.
(٣) انظر: "أسطورة تجسد الإله في المسيح" تعريب وعرض: د. نبيل صبحي الطويل، مجلة الأمة (قطر) العدد الرابع - السنة الأولى (ربيع الآخر ١٤٠١ هـ) ص ٤٩.