للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمؤمنون مقتنعون أن تعديلًا لاهوتيًا رئيسيًا آخر مطلوب الآن في الربع الأخير من القرن العشرين، وتبرز الحاجة لذلك من نمو حجم المعلومات عن الأصول المسيحية، والتي تضم اعترافًا بأن المسيح كان كما هو مقدم في الكتاب الخامس للعهد الجديد (٢ - ١٢) إنسانًا اختاره الله لدور خاص في إطار الإرادة الإلهية، وأن الاعتقاد المتأخر بأنه (الله في صورة إنسان) أو (الشخص الثاني في الثالوث المقدس) الذي يحيى حياة بشرية ليس هو -أي: هذا الاعتقاد- إلا أسلوبًا أسطوريًا أو شاعريًا للتعبير عن أهمية المسيح بالنسبة لنا. وهذا الاعتراف مطلوب منا لمصلحة الحقيقة، ولكن لهذا الاعتراف أهمية متزايدة على صعيد الواقع بالنسبة لعلاقتنا بالناس الآخرين من أبناء الديانات العالمية الكبرى" (١).

الموضع الثالث:

الذي يعد من محاسن حركة اليهودية المتحررة أنها كانت حربًا لحركة الصهيونية، إذ أنها لم تكن تعترف بعقيدة العودة إلى فلسطين وإقامة دولة يهودية فيها، وقد جاء إعلان ذلك صريحًا في مبادئ بتسبرج عام (١٨٩٥ م):

"نحن لا نعتبر أنفسنا أمة بعد اليوم، بل جماعة دينية، ولذا فإننا لا نتوقع عودة إلى فلسطين، أو إحياء للعبادة القربانية تحت ظل أبناء هارون، ولا استرجاع أي من الشرائع المتعلقة بالدولة اليهودية" (٢).

وقد قادت حركة اليهودية الإصلاحية هذه Reform Judaism لواء العداء والمعارضة للصهيونية، ولها مواقف متعددة في المراحل التاريخية المختلفة منذ أن كانت العودة إلى فلسطين فكرة وحلمًا، وخلال مراحل تأسيس الدولة الإسرائيلية، وعبر الأحداث التي تمر بها قضية فلسطين حتى اليوم.

ومن الممكن للمسلمين أن يستفيدوا من هذه المواقف ويمكن عن طريقها خدمة القضية الفلسطينية.


(١) "أسطورة تجسد الإله في المسيح" تعريب وعرض: د. نبيل صبحي الطويل ص ٤١.
(٢) "أسطورة تجسد الإله في المسيح" تعريب وعرض: د. نبيل صبحي الطويل ص ١٢١ من هذا البحث وكتاب "المجلس الأمريكي لليهودية"، د. أسعد رزق (مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت ١٩٧٠ م).