هذه مواقيت الحرم يا حُجّاج فقفوا؛ هذه أعتاب ديار المحبوب، هذه مشارف بيت المَليك. إن من يدخل حضرة ملك من ملوك الدنيا يلبس للمقابلة لباسها الرسمي، وهذه أبواب حضرة ملك الملوك، رب العالمين، فاخلعوا عن أجسادكم ثياب الدنيا والبسوا للنسك لباسه الرسمي.
البسوا ثياب الإحرام التي لا يمتاز فيها غني عن فقير ولا أمير من أجير، وانزعوا معها حب الدنيا، وانزعوا مشاغلها ومشكلاتها عن قلوبكم، واغسلوا بالماء أجسادكم، واغسلوا بتجديد التوبة نفوسكم، وانووا إمّا الحجَّ وحده. وإما العمرةَ والحجّ مقرونَين؛ فتدخلون بالعمرة فتطوفون وتسعَون وتبقون محرمين إلى انتهاء أعمال الحج. وإما العمرة وحدها، فإذا أكملتم مناسكها (أي طفتم وسعيتم) حلقتم ولبستم ثيابكم وحَلَلْتُم، ثم أحرمتم بالحج يوم الحج. الأول هو «الإفراد»، والثاني «القِران»، والثالث «التَمَتُّع»، وكل ما تنوون حسن، وكلٌّ من الثلاثة هو الأفضل في أحد المذاهب، وإن كان التمتّع هو آخر ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به أولى.
* * *
ثم أصغوا تسمعوا صوت الشرع في قلوبكم يأمركم بالتوحيد وإخلاص العبادة لله، واتّباع سبل الخير والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. اسمعوا أوامر الله في آيات كتابه وأقوال نبيه، فإذا تمثّلت لأذهانكم فأجيبوا بألسنتكم وبقلوبكم: لَبّيْكَ اللهُمَّ لبّيكَ، لبّيكَ لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلْكَ، لا شريك لك.