لبيك؛ أمرتنا فأطعنا، ونهيتنا فاجتنبنا، فأعِنّا اللهمّ على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، فإنا لا نستطيع أن نقوم بها بغير معونتك. لا شريك لك فنطلب منه، ولا إله سواك فنفرّ إليه. لقد فررنا إليك وجئنا قاصدين بيتك، فهل تردّنا عن بابك خائبين وأنت أكرم الأكرمين؟
هذه -يا حجّاج- مواقيت الحرم، «آبار عليّ» على أبواب المدينة، و «الجَحْفَة» عند رابِغ، و «قَرْن» عند السَّيل الكبير، و «وادي مُحرم» قرب الطائف، و «يَلَمْلَم» في الجنوب الشرقي من مكة. هذه حدود منزل الوحي. لقد جزتموها الآن مُحرِمين، فجدّوا السير واحْدُوا المَطِيّ (أو استحثّوا سائق السيارة).
* * *
لقد دنوتم الآن من الحرم. أتعرفون يا إخوان ما الحرم؟ هنا دار السلام إن عمّت الأرضَ الحروبُ، هنا دار الأمن إن شمل الناسَ الخوفُ. كل حي ها هنا آمن، الناس والحيوان والنبات، ليس ها هنا حرب ولا قتال، الحيوان ها هنا لا يُصاد والأشجار لا تُقطع. لا عدوانَ على أحد ولا تجاوزَ على شيء. هذه حدود الحرم، ألا ترون أعلامها؟ لقد أقام هذه العلامات أبو الأنبياء إبراهيم، وبقيت حيث أقامها.
لقد دخلتم الآن الحرم، فجدّدوا التلبية واجهروا بها، وقولوا بقلوبكم مع ألسنتكم: لبيك اللهمّ، قد دعوتَنا فأجبنا، سمعنا المؤذن يؤذن بالحج فجئنا رجالاً وعلى كل ضامِر، أتينا من مكان بعيد، نجزع الأرض، نطوي البيد، نركب الريح ونمتطي اللُّجَج،