المماليك التي كانت قليلة مفككة، جعل من ذلك قوة استطاعت أن تردّ سيل المغول وتنقذ الإسلام والحضارة.
فيا أيها المسلمون، هذا التاريخ تشهد صفحاته أنه ما نزل بالمسلمين خطب إلا ردّته عنهم دعوة الإسلام إذا صدقوا الدعوة بها، وإن الخطوب التي تحيط بالمسلمين اليوم لا يردها عنهم ولا ينجيهم منها إلا دعوة الإسلام.
* * *
وهذا شاهد آخر على أن المسلمين ما أحاطت بهم يوماً النكبات إلا كانت نجاتهم منها بدعوة الإسلام والرجوع إلى الله. وما أكثر الشواهد على هذه الحقيقة في تاريخنا!
أترون هذا البحر الأبيض المتوسط؟ لقد كان يوماً من الأيام بحيرة إسلامية، وكان المسلمون يملكون معظم شطآنه وأكثر جزائره، ومن ذلك جزيرة كريت (التي كنا نسميها إقريطِش). وكانت تخرج منها السفن المجاهدة المسلمة فتغزو أطراف بلاد الروم، وكان أكثر المجاهدين من قرية معتزلة في طرف الجزيرة الشرقي، حتى تأذّى قيصر الروم وغضب، وحلف ليدمرّنّ هذه القرية ولو كلفه ذلك ملكه.
وأعد لها جيشاً عظيماً وأسطولاً ضخماً نزل عليها فجأة، وحاصرها وسدّ عليها الطرق فلا تستطيع أن تبعث في طلب النجدة. ولم يكن في تلك الأيام برقيات ولا إذاعات، وعلم أهل القرية أنهم لا يقدرون على الحرب فأغلقوا الأبواب وتحصّنوا