عليه من غير إنصاف، فأيقن العقلُ أنه لا بد من حياة أخرى يُنصَف فيها المظلوم ويُعاقَب فيها الظالم، ويكافَأ فيها المحسن ويُجازى فيها المسيء. وأن الرواية لا تنتهي بانتهاء هذه الدنيا.
ولو أنه عُرض فِلم في الرائي (التلفزيون) فقُطع من وسطه وقيل: انتهى، لما صدق أحدٌ من المشاهدين أنه انتهى ولنادَوا: ماذا جرى للبطل؟ وأين تتمة القصة؟
ذلك لأنهم ينتظرون من المؤلف أن يُتِمّ القصة ويسدّد حساب أبطالها. هذا والمؤلف بشر، فكيف يصدّق عاقل أن قصة الحياة تنتهي بالموت؟ كيف ولم يُسدَّد -بعدُ- الحساب ولا اكتملت الرواية؟
فأيقن العقل -من هنا- أن لهذا الكون رباً وأن بعد الدنيا آخرة، وأن ذاك العالَم المجهول الذي لمحت الروح ومضة من نوره في الأغنية الحالمة والقصة البارعة، واستروحت نفحة من عطره في ساعة التجلي، ليس عالَم «المُثُل» الذي كان خيالاً صاغه أفلاطون، ولكنه عالم الآخرة الذي هو «حقيقة» أبدعها خالق أفلاطون.
ورأيت أني وصلت -بعد هذا- بالحدس النفسي، ثم بالفكر العقلي، إلى الإيمان بالله واليوم الآخر.