ويتوب. وسألوك: هل يكذب المؤمن؟ قلت: لا. وجعلتَ الكذب ثلث النفاق، وجعلت إخلاف الوعد الثلث الثاني وخيانة الأمانة الثلث الثالث. وقلت: من غشّ فليس منا. وعظّمت أمر الغيبة والنميمة، وأنذرت ذلاً وخراباً وغضب الله كلّ بلد يفشو فيه الزنا والخمر والربا والقمار.
وعلمتنا النظام، وأن تكون حياتنا كأنها -من دقة التوقيت- حياة جنود في ثكنة أو طلاب في مدرسة. بل لقد أردتها أضبط وأحكم، لأن التدريب في الثكنة قد يسبق موعده دقائق ولكن الصلاة لا تصحّ إن سبقت وقتها، والصوم يبطل إن تأخر الإمساك عن موعده، والحج لا يصحّ إن صعدت عرفة بعد ميقات الصعود، ولو كان السبق أو التأخير دقائق معدودات.
فأين نحن اليوم من هذا كله؟ أين نحن اليوم من الإسلام؟
لقد علمتنا غضّ البصر، وستر العورة، وصدق المعاملة، والعزة والإباء، واللين والتواضع، وأن نكون أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين، وأن يوقّر صغيرُنا كبيرَنا ويرحم الكبيرُ الصغيرَ، وتطيع المرأة زوجها ويُنصف الزوج المرأة، ويبرّ الولد والديه ويربي الوالدان على الخير الولدَ، وأن يعرف كلٌّ منا ما عليه فلا يقصر فيه وما له فلا يجاوزه، وأن تقوم البيوت على المحبة والإخلاص والمجامعُ والأسواقُ على الصدق والأمانة.
فأين نحن اليوم من هذا كله؟ أين نحن اليوم من الإسلام؟