فإن أكثر الناس غالباً على ضلال، والله يقول:{وإنْ تُطِعْ أكْثَرَ مَنْ في الأرْضِ يُضِلّوكَ عَنْ سَبيلِ الله} ويقول: {وَمَا أكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنين}.
وهل الحق دائماً مع الكثرة؟ لو قرر أطباء المستشفى الثلاثة وجوب إجراء العملية الجراحية للمريض، واجتمع الخدم والممرّضون والبوّابون والفرّاشون، وكانوا ثلاثين، وطالبوا بترك العملية وإهمالها، هل نتّبع رأي الثلاثين من الخدم والممرضين والبوابين والفراشين أم نتبع رأي الأطباء الثلاثة؟ ولو قرر ربان الطيارة الهبوط بها لأن الوقود أوشك أن ينفد منها وطالب الركابُ الثمانون باستمرار الطيران، هل نأخذ برأي الثمانين لأنهم هم الأكثرية أم برأي الربان الواحد؟
يا إخواننا، الرجال تُعرف بالحق والحق لا يُعرَف بالرجال، ورأي الواحد إن كان معه الدليل الساطع أولى من رأي الألف إن لم يكن معهم دليل.
لو بلغ أتباع المبطلين مئة مليون، بل ألف مليون، وبقي على الأرض محق واحد، لكان هذا الواحد أهدى سبيلاً من ألف المليون (١).
ألا تذكرون أن هتلر وموسوليني وأمثالهما من المتسلطين كانوا يخطبون في الدعوة إلى باطل النازية والفاشية فيهتف لهم مئة ألف أو يزيدون، فأين اليوم هؤلاء الهاتفون؟ وكم رأينا من زعماء
(١) هذا هو التعبير الفصيح، ولو قلت «الألف المليون» لصحّ قولك أيضاً.