للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلها فما دخل الفتح الإسلامي بلداً إلا استقرّ فيه وبقي. هذه أندونيسيا دخلها الإسلام منذ أكثر من ثلاثمئة سنة، وقريباً منه دخل الاستعمار إلى تلك البلاد، وها هو ذا الاستعمار قد ذهب وبقي الإسلام إلى يوم القيامة إن شاء الله؛ ذلك أن الفتح الإسلامي ليس فتحاً عسكرياً، وما فتح المسلمون البلاد ليأخذوا منها الغنائم ولا ليظلموا أهلها، بل ليشركوا أهلها في الخير الذي جاؤوا به (١).

* * *

إن العالم اليوم تقوده قوتان كبيرتان: أميركا من هنا وروسيا من هناك. فلو جاء شخص أمّي لا يقرأ ولا يكتب، ولم يدخل في حياته مدرسة ولا زار مدينة من المدن الكبرى؛ شخص نشأ في قرية ضائعة متوارية خلف رمال الصحراء، لو قال هذا الرجل: إن عندي دستوراً للبشرية، فتعالي يا روسيا وتعالي يا أميركا وتعالي يا أمم الأرض أجمع، اتبعوا هذا المنهج أضمن لكم السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.

ماذا تقولون عنه؟ تقولون إنه مجنون! فما رأيكم إذا لم تمضِ على هذا الشخص وعلى دعوته ثلاثون سنة حتى حكم ثلث المسكون من الكرة الأرضية، وحتى أزاح إحدى الدولتين الكبيرتين وأزالها من الوجود وأخضع الأخرى لهذا المنهج؟


(١) اقرأ مقالة «الفتح الإسلامي» في كتاب «فِكَر ومباحث». وفي كتاب «أخبار عمر» مقالةٌ أخرى غيرها تحمل العنوان ذاته، وفي كليهما تفصيل وتحليل لهذه المعجزة التاريخية الكبرى، معجزة الفتح الإسلامي (مجاهد).

<<  <   >  >>