هذا الذي صنعه محمد صلى الله عليه وسلم وخلفاء محمد، وهذه هي قصة الفتح الإسلامي، الفتح العجيب؛ هذه المعجزة تحققت على يد الجندي العربي المسلم والقائد العربي المسلم.
الجندي العربي المسلم الذي مشى من جزيرة العرب شرقاً إلى العراق وفارس وأفغانستان وإلى الهند وأوغل فيها إلى بلاد الصين، ومشى غرباً إلى مصر وإلى آخر إفريقيا حتى وصل البحر، فوقف عليه عقبة بن نافع بفرسه وقال: اللهمّ لولا هذا البحر لمضيت مجاهداً في سبيلك.
ثم تخطَّوا البحر إلى إسبانيا حتى بلغوا قلب فرنسا، حتى جاء يوم كان البحر الأبيض المتوسط فيه بحيرة إسلامية.
تقولون: إن الجنود قد يصلون اليوم إلى أبعد من ذلك، فهذا الجندي الأميركي يأتي من أميركا إلى كوريا. إنهم -يا سادة- يأتون بالطيارات ويتنقلون بالسيارات، الجندي الأمريكي يأتيه غداؤه ساخناً ويأكله بالشوكة والسكين. أما الجندي العربي فكان يمشي على رجليه، وإن وجد دابة تعاقب عليها عدد من الجنود. في بدر تعاقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليٌّ ورجل ثالث على ناقة واحدة، يركب أحدهم ويمشي الآخران.
واليوم تمشي مع الجيوش تشكيلات التموين والتزويد والنقل، ولم يكن مع الجيوش العربية الإسلامية شيء من ذلك كله، بل كانوا يُعدّون زادهم بأنفسهم. وما زادهم؟ تمرات يأكلها الجندي في اليوم، ويعيش كذلك أياماً طوالاً.