للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قد تقطّعت بهم الأسباب. والله الذي يشفي بسبب الدواء والطب قادر على أن يشفي بلا طب ولا دواء. مدّوا أيديهم وجعلوا يقولون: «يا الله»، يدعون دعاء المضطر، والله يجيب دعوة المضطر ولو كان فاسقاً، ولو كان كافراً، ما دام قد التجأ إليه واعتمد عليه ووقف ببابه وعلّق أمله به وحده، يجيب دعوته إن طلب الدنيا، أما الآخرة فلا تُجاب فيها دعوته لأنه كافر لا يؤمن بالآخرة.

هؤلاء الكفار لمّا دَعَوا الله مخلصين له الدين استجاب دعاءهم ونجّاهم إلى البر، بل هذا شر الخلق إبليس لمّا دعا دعاء المضطر فقال: «رَبِّ أنْظِرْني إلى يَومِ يُبعَثون» قال له: «إنّك من المُنْظَرين».

ولو أمعنتم النظر في أسلوب القرآن لوجدتم أن الله لم يخبر في القرآن إخباراً أنه يجيب دعوة المضطر، لأن ذلك مشاهَد معلوم، ولكنْ ذَكَره حجةً على المشركين فقال: {أمَّنْ خَلَقَ السَماواتِ والأرْضَ وَأنْزَلَ لكُمْ مِنَ السّماءِ مَاءً فَأنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كانَ لَكُم أنْ تُنْبِتوا شَجَرَها؟ أإلهٌ مَعَ الله؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلون. أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَاراً وجَعَلَ خِلالَها أنْهَاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَينِ حاجِزاً؟ أإلهٌ مَعَ الله؟ بَلْ أكثَرُهُم لا يَعْلَمون. أَمَّنْ يُجيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السّوءَ، ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَرْضِ؟ أإلهٌ مَعَ الله؟ قَليلاً ما تَذَكّرون}.

يا أيها القراء، إنهم لمّا دعوا نظروا فإذا الورم بدأ يخفّ والزرقة تمّحي والألم يتناقص، ثم لم يمضِ يومان حتى شفيت

<<  <   >  >>