ساعةَ الأمن، تعبدها هزلاً منها، فإذا جدّ الجِدّ وركب القرشيون السفينةَ وهاج البحر من حولها بموج كالجبال، وصارت سفينتهم بيد الموج كريشة في كف الرياح، وظهر الخطر وعمّ الخوف، بدا الإيمان الكامن في أعماق النفس فلم يَدْعوا اللات ولا العزى ولا هاتيك المَسْخَرات، ولكن دَعَوا الله رب الأرض والسماوات.
وعندما تغرق السفينة وتبقى أنت على لوح من الخشب بين الماء والسماء، لا تجد ما تصنع إلا أن تنادي:«يا الله». هذا فرعون الذي طغى وبغى وتكبر وتجبر، حتى قال أحمقَ مقالة قالها إنسان، قال:«أنا ربكم الأعلى»، لما أدركه الغرقُ قال: آمنتُ بالذي آمنَت به بنو إسرائيل!
وعندما تضلّ في الصحراء ويحرّق العطش جوفك وترى الموت يأتيك من كل مكان، لا تجد ما تصنع إلا أن تنادي:«يا الله». وعندما تتعاقب سنوات القحط ويمتد انقطاع المطر، وفي غمرة المعركة العابسة التي يرقص فيها الموت، وعندما يدنف المريض ويعجز الأطباء، يكون الرجوع إلى الله؛ هنالك ينسى الملحد إلحاده والماديّ ماديّته والشيوعيّ شيوعيّته، ويقول الجميع:«يا الله»!
* * *
لما ذهب الطبيب واستحكم اليأسُ وملأ قلوبَ الجميع: قلب الولد الخائف وأخيه المستأسد المتنمّر وأبيه وأمه، واستشعروا العجز ولم تبقَ في أيديهم حيلة وبلغوا مرتبة المضطر، مدّوا أيديهم إلى الله يطلبون منه الشفاء وحده، يطلبونه بلا سبب يعرفونه لأنها