للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يوم فإذا به قد صفا وزال أكثر ما كان فيه. وعجب الأطباء ودُهشوا واجتمعوا يبحثون، فقلت لهم: لا تتعبوا أنفسكم، فهذا شيء جاء من وراء طبكم. إن الله الذي أمرنا أن نطلب الشفاء من الطب ومن الدواء قادر على أن يشفي بلا طب ولا دواء.

* * *

ولما قدمت المملكة سنة ١٣٨٢هـ أقمت سنة في الرياض (ثم جئت مكة فلبثت فيها إلى الآن)، وكان معنا فيها رجل من الشام لا أسميه، كان مقيماً في الرياض هو وأمه، فعرض له عمل اقتضى سفره إلى لبنان. وكرهت أمه هذا السفر لئلا تبقى وحدها، فلما حلّ موعده حمل ثقله (أي حقائبه وأشياءه) إلى المطار، فسلمه إلى الشركة وذهب إلى بيته على أن يأتي الفجر ليسافر. ورجا أمّه أن توقظه قبيل الفجر، فلم توقظه حتى بقي لموعد قيام الطيارة ثلاثة أرباع الساعة، فقام مسرعاً وأخذ سيارة وحث السائق على أن يبلغ به المطار ويضاعف له الأجر، وجعل يدعو الله أن يلحق بالطيارة قبل أن تطير. ولما وصل وجد أنه لا يزال بينه وبين الموعد ربع ساعة، فدخل المقصف وقعد على الكرسي فنام، ونودي من المكبر على ركاب الطائرة أن يذهبوا إليها فلم يسمع هذا النداء، وما صحا حتى كانت الطيارة قد علت في الجو! وكنت معه، فجعل يعجب كيف دعا الله بهذا الإخلاص دعاء المضطر ولم يُستجَب له. وجعلت أهوّن الأمر عليه وأقول له: إن الله لا يرد دعوة داع مخلص مضطر أبداً، ولكن الإنسان يدعو بالشر دعاءه بالخير، والله أعلم بمصلحته منه.

وأهمّه الغضبُ والحزن عن إدراك ما أقوله. أفتدرون ماذا

<<  <   >  >>