للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلت على منفي أخرجت ما بعدها إلى معنى الموجب. مثل: ما قام أحد إلا زيد, و (ما فعلوه إلا قليل منهم). فالموجب لهم الفعل هو «القليل».

فأما الناصب للمستثنى في الموجب إذا قلت: قام القوم إلا زيدًا, و (فشربوا منه إلا قليلًا منهم) فهو الفعل المتقدم بتوسط «إلا». لأن الفعل لما لم يكن متعديًا إلى ما استثنى قوي بالحرف فصار متعديًا. وهو أشبه الأبواب بباب المفعول معه من قولك: استوى الماء والخشبة, في كون الواو مقوية للفعل. فكما قوت «الواو» الفعل حتى نصب المفعول معه كذلك قوت «إلا» الفعل حتى نصب زيدًا. هذا مذهب صاحب الكتاب في كل ما يجري هذا المجرى. وخالفه أبو العباس [المبرد] فقال: الناصب للمستثنى معنى «إلا». ومعنى «إلا»: استثنى, فكأنه قال: قام القوم استثنى زيدًا. وهذا غير صحيح, لأن معاني الحروف لا تعمل شيئًا في المفعول به. ألا ترى أن حروف الاستفهام لا يعمل ما فيها من معنى «استفهم» , وأن حروف النفي لا يعمل ما فيها من معنى «أنفي» , وأن حروف الشرط لا يعمل ما فيها من معنى «أشرط» , وأن حروف العطف لا يعمل ما فيها من معنى «عطفت» , أو «جمعت». فالقول بما قال أبو العباس يؤدي إلى خرقٍ عظيم لا رقع له. ولو كان هذا المعنى صحيحًا لوجب أن ينصب في النفي أيضًا, إذا قال: ما قام أحد إلا زيدًا, لأن «إلا» عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>