«ما» دون «شيء» , لأن «شيئًا» اسم معرب متمكن يثنى ويجمع, و «ما» ليس فيها شيء من ذلك سوى الاسمية حسب. و «زيدًا» مفعول «أحسن» منصوب به, وكان في الأصل قبل دخول الهمزة حسن زيد, فلما نقلته إلى أحسن [بالهمزة] وجعلت الفعل لغيره خرج منصوبًا على جهة المفعول به. وتقديره لو ظهر - وإن كان لم يظهر [قط]- شيء حسن زيدًا, إلا أنك لو أظهرت هذا الكلام لم يكن تعجبًا دالًا على ما دل عليه ما أحسن زيدًا, لأن هذه الصيغة موضوعة لهذا المعنى.
ومن هذا يروى أن ابنة أبي الأسود الدؤلي كانت في يوم شديد الحر حاضرة مع أبيها فقالت: يا أبت ما أشد الحر, فقال لها: إذا كانت الصقعاء من فوقك والرمضاء من تحتك, فقالت: يا أبه, إنما أردت أن الحر شديد, فقال: فقولي إذن: ما أشد الحر. فنبهها على غلطها وأعلمها اللفظ الذي يتعجب به, لأنها أخرجت كلامها مخرج الكلام الذي يستفهم به.
ومن شرط فعل التعجب أن يكون مما تصح فيه الزيادة والنقصان مثل الحسن والعقل والفضل والنبل والقول والطول لا الطول, ولا أفعال الخلق الثابتة ولا الألوان ولا الأفعال الزائدة على الثلاثة. فإذا احتجت إلى التعجب من خلقة ثابتة أو من فعل زائد على الثلاثة من نحو: دحرج وسرهف واحمر واسود, وأحول وأعرج وأعور, ونحوه, فإنك تأتي بفعل ثلاثي مثل: أشد وأبين وأكشف