للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} ((١)) مشعر بعظم الصورة التي يتصورها الإنسان من (النبذ) الذي هو إلقاء باحتقار ثم إن قوله تعالى {فَأَخَذْنَاهُ} مشعر بكلية الجيش المنبوذ في اليم، وحقيقة الصورة نابعة من صورة المجاز فيها (الأخذ) و (النبذ) .

وقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} ((٢)) فيها أحد أجمل أنواع التصوير البلاغي في بابه، وذلك متمثل في أن (سماع اللغو) نتيجته (الإعراض عنه) ، وقد تأتى ذلك التصوير للقوم االمؤمنين من خلال أداة الشرط (إذا) وجواب الشرط (عرضوا) ، ثم حذف (اللغو) والاستعاضة عنه بهاء (عنه) ، فأنظر كيف غدا النص اعجازباً تصويرياً بلاغياً، لا يمكن لأحد أن يجيء بمثله مهما حاول من محاولات.

وقوله تعالى: {اللَّيْلَ سَرْمَداً} ((٣)) ، وقوله تعالى: {النَّهَارَ سَرْمَداً} ((٤)) على التوالي صورة مجازية لتقرير إستفهامي هو سؤال العارف، فصارت الصورة في الذهن منقلبة عن الصورة الحقيقية (الليل اللاسرمدي) و (النهار اللاسرمدي) إلى الصورة المجازية الآتية من الإستفهام عن الليل والنهار السرمديين، وهذا من أبلغ التصوير.

وقوله تعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} ((٥)) ، قول بديع بليغ فيه كل أنواع التصوير الفني، وذلك نابع من أن إسناد النوء بالحمل مجازياً إلى المفاتيح لا إلى (العصبة أولي القوة) ، فهو من المقلوب لفظاً ومعنى.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٥.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧١.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٢.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>