للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قيل: (إن فرعون بغى) لكانت الجملة غير مبينة عن هذا البغي، فجاءت العبارة (علا في الأرض) لتدل على أن فرعون جمع الطغيان والبغي والتكبر الذين اجتمعوا جميعاً في العلو على الأرض، فكان إعجاز استخدام الفعل الماضي (علا) دالاً تفضيلها على غيرها من الصيغ الأخرى، لأن كلمة (علا) في هذا الموقع في ذكر فرعون أبلغ في مكان الآية من أي صيغة أخرى، فالآية تصف دولة فرعون ومجتمعه أي نظام دولة كامل.

فلا بد من كلمة تصف نظام دولة فرعون. ولا يوجد أليق من كلمة (علا) في هذه السورة من القرآن الكريم، وربما استخدمت بقية الكلمات في مواضع أخرى من سورة أخرى فناسبت موضعها في تلك السور ((١)) .

إن قوله تعالى: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} ((٢)) يحمل في استخدامه اسم الجمع (شيع) وهو منصوب بكونه مفعولاً به ثانياً دلالة خاصة تختلف عما لو استخدم فيه أي لفظ مرادف للكلمة نفسها، مثل (فرقاً) أو (أحزاباً) على سبيل المثال. ونحن نرى أن صيغة (شيعاً) التي جاءت في النص أبلغ من كلّ صيغة، لأن الشيع هي العصبة، ومن معانيها العصبة القوية، وفرعون إنما قسم الناس على شيع، أي: أقسام، فجعل منهم شيعته وشيعة موسى، ولو جاء النصّ بصيغة (فرقا) لدلّ على تحزب قوم دون كونهم من شيعته، أي: المطاوعون له.


(١) ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٤٩٦٤.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>