للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ((١)) ، فإن السؤال الذي قد يثار، هو عن دلالة قوله تعالى: {بَصَائِرَ} ، والبصائر جمع بصيرة، بمعنى العبرة ـ كما قال الراغب الأصفهاني ـ ودلالة العبر هاهنا أبلغ من أية دلالة أخرى، فمعنى الآية إذا ما حللناها هو أن التوراة أنزلت على موسى (- عليه السلام -) عبرة للناس وهدى ورحمة، أما دلالتها (أي كلمة بصائر) فهي أن في التوراة عبراً بالجمع، وليس عبرة بالإفراد، لأنها قد حوت على أحكام ومواعظ وقصص، وقد جمعت البصائر، والله أعلم لدلالة العبر البليغة وكونها أكثر في التعبير الَقُرْآني معنىً مما لو جاءت بلفظ أخر مثل (دلائل) ، أو (معالم) ، أو أي جمع أخر. فلو قيل:

(دلائل) لم تدلّ هذه الكلمة إلا على كون التوراة علامات، لأن الدليل هو العلامة، ولو قيل: (معالم) لكان المعنى إشارات، لأن المَعْلَم هو الإشارة، أما لفظة

(بصائر) فدلت على أن المعنى هو العبر تلو العبر ((٢)) .


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤٣.
(٢) ينظر جامع البيان: ١٠ /٧٦. معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص ٤٧. مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٥٥. الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>