للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بين الطبري، والقرطبي المعنى نفسه، ففسرا السرمد بمعنى الدائم، ونحن نرى أن معنى الآية هو امتنان الله عَزَّ وجَلَّ على الناس جميعاً بكون الليل والنهار ليسا سرمديين " أي: ليسا دائمين، وقد تكررت كلمة (سرمد) في الموضعين في ذكر الليل والنهار، لأن العرب تبدأ اليوم بالليل قبل النهار، ليكون أبلغ في التعبير البياني عن فضل الله عَزَّ وجَلَّ ((١)) .

وأما قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} ((٢)) فإنه يثير سؤالاً مهماً جداً، هو لماذا جاءت كلمة (شهيد) هاهنا وهي بمعنى النبي في هذا المقام دون صيغة نبي أو رسول، مع أن المفسرين أجمعوا على أن المراد بالشهيد هنا هو النبي الذي يشهد على قومه بما فعلوه؟

قال الطبري في تفسير هذه الآية: " أي وأحضرنا من كلّ جماعة شهيدها وهو نبيها الذي يشهد عليها بما أجابته أمته فيما أتاهم به عن الله من الرسالة " ((٣)) .

وقيل: " أي نبياً عن مجاهد. وقيل: هم عدول الآخرة يشهدون على العباد بأعمالهم في الدنيا " ((٤)) .

ونحن نرى أن دلالة النبوة والرسالة في موضعها تفهم من خلال سياق معنى الآية لأن الآية تدلّ على أن الأمم يوم القيامة ينزع من كل منها نبيها يشهد على ما فعلوه عند دعوته لهم.


(١) ينظر الكَشَّاف: ٣ /١٨٩. جامع البيان: ١٠ /٩٨. معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص ٢٣٦
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٥.
(٣) جامع البيان: ١٠ /٨٩.
(٤) مفاتيح الغيب: ١٣ /١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>