للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال الذي يكون هدفاً في حد ذاته موجب للعذاب، وذلك في قصة قارون إذ أن كنوزه المالية على كثرتها جعلته يفرح بما ليس له قط ونسي نصيبه من الآخرة، إذ جعل كل نصيبه من الدنيا وابتعد عن الإحسان (وإعطاء المال بعض صور الإحسان) وابتغى الفساد بماله ثم زاد على ذلك بأن قال ((١)) {: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} ((٢)) ثم كان المال عنده وسيلة للظهور بزينته المادية والمعنوية وفتنته لبعض ضعاف الإيمان ممن زعموا أن له حظاُ عظيماً، ثم كان عاقبته أنه كما قال عزَّ وجلَّ فيه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ} ((٣)) وهذا أمر يشمل ما مضى ومن سيأتي! .


(١) في عصرنا هذا كان من مبادئ العولمة أن المال إنما يأتي من العلم الموجود عند دعاة العولمة من خلال ثورة المعلومات وأجهزة الاتصالات لنقل المعلومات، فجمعوا مثل قارون بين ما عندهم وبين العلم الموجود عندهم، ولا ريب أن الاستقراء المستقبلي لمستقبل العولمة يرينا أنها ستكون في تفككها مثل تخسف قارون بماله في الأرض، وتلك سنة الله جلَّ جلاله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ونحن نجد أن كل من يقول لدعاة العولمة (اتقوا الله ولا تكفروا) يستهزئون به كما فعل قارون وحاشيته بمن وعظوهم، وهذا من عجائب تكرر التاريخ بنفسه؟ ! ، لان استمرارية (كان) في الماضي، والحاضر، والمستقبل في قوله تعالى: {وما كان من المنتصرين} تدلّ على تلك النهاية التي نراها للعولمة إن شاء الله العلي العظيم. وينظر نذر العولمة. عبد الحي زلوم. الطبعة الثانية. بيروت، لبنان. ١٩٩٨ م.: ص ١٨٨ – ١٨٩.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٨.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>