للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المال في حد ذاته أمر دنيوي، وذلك واضح في جعل الله عزَّ وجلَّ للمال في سورة القصص شيئاً دنيوياً لا يؤبه له في قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} ((١)) ، بمعنى آخر أن كل مال هو متاع دنيوي معرض إلى زوال، أي: انه غير باق، وهذا من دلالات السياق القرآني.

إن المال متاع دنيوي لا أخروية له إلا بمقدار ما يوصل المرء إلى إقامة الدين، وذلك واضح في قوله عزَّ وجلَّ: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْمُحْضَرِينَ} ((٢)) ، فمن كانت هذه صفته في استمتاعه المالي كان محضراً للحساب يوم القيامة، كما تقرر هذه الآية الشريفة.

المال فضل من الافضال. وذلك في سياق من الله عزَّ وجلَّ للناس أن جعل لهم أوقات اليوم في قوله عزَّ وجلَّ: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} ((٣)) ، ثم بين الله عزَّ وجلَّ كون ذلك الفضل محتاجاً للشكر (اليوم) في قوله عزَّ وجلَّ بعد ذلك (لعلكم تشكرون) ، لان الشكر دال على الفضل في ابتغاء هذا الرزق، وهذا من معاني القرآن الكريم التي تجيء بلفظ مختصر يغني عن المقولات.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٦٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٦١.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>