للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال قد يكون سبباً في البطر والكفر على رغم أنه نعمة من نعم الله عزَّ وجلَّ، وذلك فيما أمتنه الله عزَّ وجلَّ على قوم الرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) إذ قال جلَّ جلاله بعد أن قالوا:

{إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} ((١)) ، فبين الله عزَّ وجلَّ منته (مالياً) عليهم بقوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ((٢)) ، فالمال في مفهومه المجازي هاهنا مع الثمرات والرزق لم يكن سبباً لإيمان هؤلاء القوم، بل خافوا على أموالهم، فبين الله عزَّ وجلَّ لهم سوء رأيهم (المالي) في ذلك بأسلوب إعجازي مبين.

إن الهلاك قد يكون بسبب طغيان المال وبطر المعيشة، وذلك أن بطر المعيشة بمعنى التمادي في الإسراف ونسيان الآخرة بالدنيا سبب وفرة المال مفهوم كفري بينه الله عزَّ وجلَّ في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} ((٣)) ، وما ذكره الله عزَّ وجلَّ من نسبة الوراثة هذه له تعالى يعزز ما ذهبنا إليه آنفاً.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٧.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٧.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>