للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ذكر الطبري أن قسماً من أهل التأويل قال: المراد به (جواري امرأة فرعون) . ثم ساق رواية عن السدي قوله: " أقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة ويحفظه مرة، حتى أدخله بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آسيا امرأة فرعون يغسلن، فوجدن التابوت فأخذنه إلى آسيا، فلما نظرت إليه آسيا، وقعت عليها رحمته، فأحبته فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسيا تكلمه حتى تركه لها ((١)) .

وذكر عن قسم آخر أن المراد به ابنة فرعون حيث كانت ابنة فرعون برصاء، فجاءت إلى النيل، فإذا التابوت في النيل تخفقه الأمواج، فأخذته بنت فرعون، فلما فتحت التابوت، فإذا هي بصبي، فلما اطلعت في وجهه برأت من البرص، فجاءت به إلى أمها فقالت: إن هذا الصبي مبارك لما نظرت إليه برئت، فقال فرعون: هذا من صبيان بني إسرائيل هلم حتى أقتله فقالت امرأته: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ} ((٢)) .

عني به أعوان فرعون لأن فرعون أصبح في مجلس له كان يجلسه على شفير النيل كل غداة، فبينما هو جالس إذ مر بالنيل تابوت يقذف به، وآسيا بنت مزاحم جالسة إلى جنبه فقالت: إن هذا لشيء في البحر فأتوني به، فخرج إليه أعوانه حتى جاءوا به ففتح التابوت فإذا فيه صبي في مهده، فألقى الله عليه محبته ولطّف عليه نفسه فقالت امرأته آسيا ((٣)) : {لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} ((٤)) .

والذي نرجحه: إن المراد بـ (آل فرعون) هم أتباع فرعون وأعوانه لعدة أسباب:

أولا ـ إن ابنة فرعون تعيش في قصر أبيها وخدمه وأعوانه، فليس من المعقول أن تلتقط بنفسها التابوت من النيل المتلاطم الأمواج، وهذا يحتاج إلى جهد كبير لا يقوم به إلا الرجال.


(١) ينظر جامع البيان: ١٠ /٣١.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٩.
(٣) ينظر جامع البيان: ١٠ /٣١.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>