للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣. {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} :

وقد قيل في المراد بالحكم أربعة أقوال:

إنه العقل، قاله عكرمة.

النبوة، قاله السدي أو علماً على ما هو من خواص النبوة على ما تأول به بعضهم كلامه.

القوة، قاله مجاهد.

الفقه، قاله ابن إسحاق.

ويحتمل أن يراد به علم الحكماء وأخلاقهم ((١)) .

وذكر الزمخشري " أن المراد بالحكم السنة، وحكمة الأنبياء سنتهم " ((٢)) ، قال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} ((٣)) .

وقد ذكر الرازي أنه قد يعترض معترض على من قال إن معنى الحكمة: النبوة وما يقترن بها من العلوم والأخلاق، فتكون النبوة قبل قتل القبطي، فسياق الآيات يخالف ذلك، فإن الله قد أعطاه الحكم والعلم، ثم دخل المدينة على حين غفلة من أهلها، قال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} .

ويجيب: ليس في الآيات دليل على أن هذه النبوة كانت قبل قتل القطبي أو بعده، لأن الواو في قوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ} لا تفيد الترتيب ((٤)) .

والذي أرجحه هو قول الشيخ زاده بأن المراد بالحكم علم الحكماء وأخلاقهم (٥) ، ولا يمكن أن يراد به النبوة لما يأتي:

أولاً: لقوله تعالى في نهاية الآيات {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ، فجعل الله إيتاء الحكم والعلم مجازاة على إحسانه، والنبوة اصطفاء من الله لا تأتي جزاء على عمل.


(١) ينظر النُّكَت والعُيون: ٣ /٢٢٠. حاشية الشيخ زاده: ٢ /٥٠٧.
(٢) الكَشَّاف: ٣ /١٦٨.
(٣) سُوْرَة الأَحْزَابِ: الآية ٣٤.
(٤) مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٣٢. وينظر حاشية الشيخ زاده: ٢ /٥٠٧.
(٥) حاشية الشيخ زاده: ٢ /٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>