للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرى أن المقصود بالمدينة عاصمة ملكه، والتي يعيش فيها الأقباط، وبني إسرائيل المستضعفين. فسيدنا موسى (- عليه السلام -) لما بلغ أشده واستوى أتاه الله الحكم والعلم {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ((١)) ، ونوّر بصره بالحكم والعلم، وبدء ينكر على فرعون ظلمه لبني إسرائيل، وينكر عليه ادعاءه الألوهية وعبادة الأقباط له من دون الله، فأصبحت له من بني إسرائيل شيعة يسمعون منه ويطيعونه ويجتمعون إليه، فسمع فرعون وقومه فأغضبهم ذلك حتى ناصبوه العداء، فخاف على نفسه منهم، فلا يدخل المدينة إلا متخفياً منهم.

ثالثاً. ما هو الوقت الذي دخل فيه موسى المدينة؟

قيل: وقت القيلولة، أو بين العشائين. وقيل: المقصود في وقت لا يعتاد دخولها أو ليتوقعونه. وقيل: كان يوم عيد، وهم مشغولون بلهوهم ((٢)) .

وذكر ابن عاشور أن " المقصود من ذكر الوقت، الإشارة إلى أن قتله القبطي لم يشعر به أحد تمهيداً لقوله بعد: {قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} ، ومقدمة لذكر خروجه من أرض مصر " ((٣)) .

{فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ}

أحدهما ممن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل، والآخر من مخالفيه وهم القبط وإلا شارة على الحكاية ((٤)) .


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٤.
(٢) ينظر جامع البيان: ١٠ /٤٢.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٠ /٨٨.
(٤) ينظر حاشية الشهاب: ٧ /٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>