للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أختلف في سبب تقاتل هذين الرجلين، فقيل: كان أمراً دينياً. وقيل: كان أمراً دنيوياً، فقد روي أن القبطي كلف الإسرائيلي حمل الحطب إلى مطبخ فرعون، فأبي فاقتتلا لذلك، وكان القبطي خبازاً لفرعون كما ذكر ذلك سعيد بن جبير ((١)) .

وذكر الرازي قولاً غربياً لمقاتل بأن الرجلان كانا كافرين إلا أن أحدهما من بني إسرائيل والآخر من القبط، واستدل بقول سيدنا موسى في اليوم التالي: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} ((٢)) .

ويمكن الجواب على ذلك: أن المشهور إن الذي من شيعته كان مسلماً، لأنه لا يقال فيمن يخالف الرجل في دينه وطريقة إنه من شيعته فالمقصود بـ (مِنْ شِيْعَتِهِ) ، أي: ممن شايعه وتابعه في أمره ونهيه، أو في الدين {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} ، أي: " فاستنصر الإسرائيلي موسى على القبطي " ((٣)) ، " فضربه بمجمع كفه فقتله " ((٤)) .

وذكر ابن عاشور " والاستغاثة طلب الغوث، وهو التخلص من شدة، أو العون على دفع مشقة، وإنما يكون هذا الطلب بالنداء، فذكر الاستغاثة يؤذن بأن الإسرائيلي كان مغلوباً، وأن القبطي اشتد عليه وكان ظالماً " ((٥)) .

{قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}

قال المراغي: " إن هذا الذي حدث من القتل هو من تزيين الشيطان ووسوسته، ثم أخبر عن حال الشيطان ليحذر منه فقال: {إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} (٦) ، أي: إنه عدو فينبغي الحذر منه مضل لا يقود إلى خير بيّن العداوة والإضلال) .


(١) ينظر روح المعاني: ٢٠ /٥٣.
(٢) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٣٩.
(٣) الوسيط: ٣ /٣٩٣.
(٤) محاسن التأويل: ١٣/ ٤٦٩٩.
(٥) التحرير والتنوير: ٢٠/٨٩.
(٦) تفسير المراغي: ٢٠/٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>