للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. قالت: فقال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) : ((فأذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) ((١)) .

... إذن والله أعلم، إن هذه الاحرف من المتشابه الذي لا يعرفه الا الله جل وعلا لقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} ((٢)) .

٢-الادلة العقلية: ذكر القرطبي عن الصحابي الجليل الربيع بن خيثم (- رضي الله عنه -) : إن الله تعالى أنزل هذا القرآن فاستأثر منه بعلم ما يشاء، وأطلعكم على علم ما يشاء، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه، فلا تسألوا عنه، وأما ما أطلعكم عليه، فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به وما بكل القرآن تعلمون ولا بكل ما تعلمون تعملون " ((٣)) ، فإن الله جل وعلا قد ستر معاني هذه الأحرف عن خلقه اختباراً من الله عز وجل وامتحاناً، فمن آمن بها أثيب وسعد، ومن كفر وشك أثم، وشأنها شأن كثير من الأفعال التي كلفنا بها ولا نعرف وجه الحكمة فيها، كرمي الجمرات، والسعي بين الصفا والمروة.

... ثم إن ورود هذه الحروف في أوائل السور، منها إفهام للبشر أنهم مهما بلغوا من العلم، فإنهم لن يطلعوا على كثير من الأسرار، ومنها معاني هذه الحروف، بهذه الصورة ستكون دافعاً إلى إعمال الفكر والنظر والاجتهاد في الوصول إلى حقيقتها، وفي هذا شحن همة العقل إلى التأمل والحركة، حتى لا يبقى جامداً أمام حقائق جاهزة ((٤)) . وهذا رأي أهل السنة والجماعة.


(١) صَحِيْح البُخَارِي: كتاب: التفسير، باب: منه آيات محكمات ٤ /١٦٥٥.
(٢) سُوْرَة آلِ عِمْرَانَ: الآية ٧.
(٣) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ١ /١٣٤.
(٤) ينظر تطور تفسير الَقُرْآن. نظرة جديدة. د. محسن عبد الحميد. جامعة بغداد. ١٩٨٩م: ص ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>