للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الثاني ـ قال آخرون: بل هو قول القبطي، وقد كان عرف القصة من الإسرائيلي ((١)) .

والرازي يرجح هذا الرأي ويستدل بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى} ، " فهذا القول من القبطي. وقوله: {إِنْ تُرِيدُ إِلاَ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ} لا يليق إلا أن يكون من كافر " ((٢)) .

والذي نرجحه أن القول للإسرائيلي وليس للقبطي لسببين:

أولاً ـ إن حادث القتل لا يعلم به إلا موسى، وهذا الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس وكان لقول الإسرائيلي: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} سبباً لظهور قاتل القبطي.

ثانياً ـ وقوله: {إِنْ تُرِيدُ إِلاَ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ} يدلّ على أنه قول الإسرائيلي لمعرفته بأخلاق موسى (- عليه السلام -) بأنه رجل صالح مصلح لا يحب البغي والتجبر، فأراد أن يذكره بهذا لأنه يخالف ما عرف عنه.

{إِنْ تُرِيدُ إِلاَ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ}

قال أبو حيان: " وشأن الجبّار أن يقتل بغير حق. وقال الشعبي: من قتل رجلين فهو جبار ـ يعني بغير حق ـ ولما أثبت له الجبروتية نفى عنه الصلاح " ((٣)) .

" فما سمع الفرعوني هذا ترك الإسرائيلي، فأوصل الخبر إلى فرعون فوقع الأمر بقتل موسى (- عليه السلام -) " ((٤)) .

وذكر الرازي إنه احتج بهذه الآيات من طعن في عصمة الأنبياء ـ عَلَيْهم السَّلام ـ من وجوه:


(١) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٣٤.
(٢) مفاتيح الغيب: ١٢ / ٢٣٤.
(٣) البَحْر المُحِيْط: ٧ /١١٠.
(٤) نظم الدرر: ٥ /٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>